الحقيقه نور على طريق الهدايه

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الحقيقه نور على طريق الهدايه

مملكة البحرين


    قيامة آل بيت محمد

    جعفر الخابوري
    جعفر الخابوري


    المساهمات : 49
    تاريخ التسجيل : 10/12/2010

    قيامة آل بيت محمد Empty قيامة آل بيت محمد

    مُساهمة  جعفر الخابوري الأربعاء ديسمبر 15, 2010 9:15 pm

    قيامة آل بيت محمد
    لم يكن عاشوراء يوماً عابراً في التاريخ، وما كان له أن يكون، فقد أطاحت الفاجعة بعماد آل بيت محمد في ظهيرة مثل هذا اليوم، وانجلت عن نهرٍ هادرٍ من الأحزان.

    كان قد مضى أسبوعٌ على وصول قافلة الثوار إلى كربلاء بعد مسير ثلاثة وعشرين يوماً، وفي مساء اليوم التاسع كان قد تم إحكام الحصار على المخيم وفرغت آخر القرب من الماء. من هذا المخيم الصغير كانت تنبعث أصوات ترتيل القرآن والمناجاة في ليلةٍ وداعيةٍ أخيرة، بينما بدأ المعسكر الآخر بقرع طبول الحرب.

    الروايات التاريخية تتكلّم عن مئة شهيد في المتوسط، ثلثهم من آل أبي طالب، فهذه الأسرة التي ضحّت لترسيخ أركان الإسلام، كان عليها أن تقدّم بعد نصف قرنٍ، فلذات أكبادها لتصحيح مساره التاريخي وحفظ شعلته من التحريف والانطفاء. وبالأرقام، تسعة شهداء من أبناء الإمام علي (ع)، وأربعة من أولاد الحسن، وثلاثة من أبناء الحسين، وأربعة من أبناء جعفر، واثنا عشر من أبناء عقيل، ومن بينهم ثلاثة أطفال.

    كان هذا المعسكر الصغير يضم طائفةً من الفرسان النبلاء، ونساءً وأطفالاً، وأربعة عشر رقيقاً من الأحرار وطلاب الكرامة والعز، أشهرهم جون مولى الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري (رض). وكان من بينهم خمسةٌ من صحابة رسول الله (ص)، على رأسهم الشيخ الطاعن في السن، حبيب بن مظاهر الأسدي. وضمّ الجيش الآخر آلافاً من الجنود المرتزقة وطلاب المناصب ورؤوس القبائل المتنافسين على حطام الدنيا. كان جيشاً صغيراً من الفرسان الأحرار، يواجه جيشاً كبيراً خالصاً من العبيد، وكان أحدهم مستعداً لخوض نهرٍ من الدماء للجلوس على كرسي من الجماجم.

    بعد ظهيرة هذا اليوم، كان غبار المعركة قد انجلى عن مصارع القوم جميعاً، لم يكن أحدٌ يتوقع غير ذلك في المعسكرين. لكن الجيش الآخر لم يتوقف عند القتل، بل شرع في قطع رؤوس القتلى، وتعليقها على رؤوس الرماح، في مشهدٍ مريع. ولم ترتوِ آلهة الدم عند ذلك، وإنما اصطفت مجموعات من الخيل لرض الأجساد، وكان النصيب الأوفر من الرضّ من نصيب آل بيت محمد (ص)، صاحب الرسالة. بعض القبائل الأخرى ثارت حميّتها وسحبت أجساد أبنائها لكيلا تطأها سنابك الخيل، إلا أجساد الطالبيين. وأرسل الجيش مجموعاتٍ لتنفيذ المهمة، أكبرها مكوّنة من عشرة أشخاص قصدت جسد الحسين المقطع، فالغل والأحقاد المترسبة منذ خمسين عاماً يوم بدرٍ، حان وقت ارتوائها في عرصات كربلاء.

    كانت الفاجعة كبيرةً على هذه العائلة، إذ لم يبقَ من رجالها إلا شابٌ دون العشرين، بعد حرق الخيام، وعشرات النسوة من أمهات وزوجات وبنات الشهداء، تعذّبن كثيراً في رحلة سبي طويلةٍ عبر الصحاري والقفار. مشاهد فاجعة تكوي قلوب الملايين فلا تهدأ حرارتها أبداً، تحدّث أحد أئمتهم بعد قرنٍ من الواقعة قائلاً: «إن يوم الحسين أقرح جفوننا وأسبل عيوننا، وأذل عزيزنا». حتى شاعر الطف الأكبر السيد حيدر الحلي المعروف بحماسته واستنهاضه للهمم في عشرات القصائد، تحدث عن هذا اليوم بقلبٍ كسير:

    مشى الدهر يوم الطف حيران لم يدع

    عماداً لها إلا وفيه تعثرا

    وقل لنزارٍ ما حنينك نافعٌ

    ولو متِّ وجداً بعده وتزفرا

    لقد قمعت الثورة بعنفٍ وتشفٍّ في هذا اليوم، وانتهى عصر الثوار ليبدأ ليل العبيد:

    وما هاشمٌ إن كنتَ تسأل هاشماً

    بعد الحسينِ ولا نزارُ نزارُ




    قاسم حسين
    صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3023 - الخميس 16 ديسمبر 2010م الموافق 10 محرم 1432هـ

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 12:46 pm