الحقيقه نور على طريق الهدايه

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الحقيقه نور على طريق الهدايه

مملكة البحرين


    ويكيليكس»... شاهدٌ على العصر

    جعفر الخابوري
    جعفر الخابوري


    المساهمات : 49
    تاريخ التسجيل : 10/12/2010

    ويكيليكس»... شاهدٌ على العصر Empty ويكيليكس»... شاهدٌ على العصر

    مُساهمة  جعفر الخابوري الأربعاء ديسمبر 15, 2010 3:07 pm

    ويكيليكس»... شاهدٌ على العصر
    كثيرٌ من التحليلات والآراء المتضاربة ستثار في مختلف القارات حول وثائق «ويكيليكس» السرية، وستتباين المواقف بين مصدّق ومكذّب، وستبرز نظرية المؤامرة من تحت الأرض.

    من أكثر الأمور التي ستثير الرأي العام تلك الأوصاف المقذعة التي أطلقها الدبلوماسيون الأميركيون على «الآخرين»، حلفاء أو أعداء. ولذلك اهتمت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بعملية استباقية لترقيع العلاقات، قبل أيامٍ من نشر الوثائق على رؤوس الأشهاد. فهي كوزيرة للخارجية، كان يهمها كثيراً ألا يتأثر مَن ينالهم شيءٌ من الشتائم الدبلوماسية الأميركية، خصوصاً أنها المسئولة الأولى حالياً عن مثل هذه المراسلات، وهي أعلم بما فيها من شتائم وأوصاف!

    نظرية المؤامرة غير مقنعة في مثل هذا الحدث التاريخي الجلل، فما حدث أشبه بعملية تعرٍ كاملٍ أمام الملأ، ولا يمكن أن يقدم عليها نظام سياسي، مهما كانت حماقته، خصوصاً أن كلفته عالية. فلن يعود بإمكان أي دبلوماسي أو سياسي في العالم بعد الثامن والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني، أن يشعر بالطمأنينة والأمان وهو يتحدّث لأي دبلوماسي أميركي. تلك نقطةٌ فاصلةٌ من حيث الثقة والأمان.

    كلينتون بعد أن انتهت من محاولة رتق الفتق، اتجهت أمس إلى نوعٍ من البكائيات، التي لا تنسجم مع السياسة الأميركية كما عرفها العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. فهي تعتبر تسريب هذه الوثائق والمراسلات عملاً غير مسئول، ومن جهةٍ أخرى أخذت تستعطف القلوب على الأبرياء الذين يمكن أن يهدّد التسريب حياتهم. وهذا الاستعطاف هو أبعد ما يكون عن الروح الأميركية التي تمجّد سياسات اقتحام البلدان ومنازلة الأعداء في عقر دورهم.

    سياسة الولايات المتحدة خلال العقد الأخير كانت أشبه بالقطار المسرع دون فرامل، فهو يدوس في طريقه الحيوانات المذعورة المتناثرة في الطريق دون رحمة. هكذا كان المشهد في أفغانستان، وبعدها في العراق، وما حدث لاحقاً من توابع زلزالية في لبنان وغزة، ولاحقاً تشظّي الصومال، ووضع اليمن والسودان على طريق الفوضى البناءة.

    الحروب لا تبقى الخيار الأفضل، وحتى الشعب التي تستهويه الحروب سينقلب موقفه بعدما تبدأ فاتورة قتلاه في الارتفاع. وفي الولايات المتحدة هناك تيارٌ رافضٌ للحرب على الإرهاب، نظّم مظاهرات مليونية حتى في ذروة اندفاع إدارة بوش في عمليات الغزو. ولا يستبعد وجود معارضين للسياسات الأميركية حتى داخل المؤسسة العسكرية، ممن يمكنهم الوصول لمثل هذه المعلومات السرية. ومن يقدم على إفشائها، أفراداً كان أو جماعات، يدرك تماماً ما يمكن أن تخلّفه من آثار على مسار القطار المندفع دون فرامل، ولم يفلح في إيقافه حتى التصويت الشعبي الكاسح لرئيس حمل شعار «نعم، يمكننا أن نغيّر». فقد استمر تسعير حرب أفغانستان وتصاعدت معه أرقام القتلى، حتى ظهر الخلاف بين قادة التحالف إلى العلن، واضطر وزير الدفاع إلى إقالة قائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال ديفيد مكرينان، ولم يُعمّر خَلَفه الجنرال ستانلي مكريستال في منصبه أكثر من عامٍ حتى استقال.

    ستبقى وثائق «ويكليكس» شاهدةً على عصر امبراطوريةٍ في أوج اندفاعتها وهي تمارس منتشيةً سياسة الصدمة والترويع. وستبقى ما حفلت به من شتائم وأوصاف ونعوت مقذعة بحق «الآخرين» دلائل على واقع النخبة التي كانت تقود المشروع الإمبراطوري طوال ثمانية أعوام عجاف.




    قاسم حسين
    صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3008 - الأربعاء 01 ديسمبر 2010م الموافق 25 ذي الحجة 1431هـ



      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 11:18 am